أرسل البرهان رسالة في بريد كل سوداني وسودانية في مؤتمره الصحفي بالأمس “نقاتل خمسين مية سنة لحدي ما نكمل كلنا”، وكلنا هذه لا تشمل الرجل بكل تأكيد فهو قابع في بورتسودان يسعى لهدف واحد فقط لا غير وهو كرسي السلطة حتى وإن كان في جزء محدود من السودان، كما هو الحال الآن
كتب الصديق البراق النذير الوراق مقالاً تحليلياً بالأمس عن تداعيات ما بعد جنيف وخطر التقسيم الماثل في البلاد الآن، ومن الحصافة بمكان عدم استبعاد انزلاق البلاد إلى هذا المصير خصوصاً أن هنالك مؤشرات واضحة توحي بأننا نسير في هذا الطريق.
أصبح العالم الآن يتعامل فعلياً مع ما يسمى بمناطق سيطرة القوات المسلحة ومناطق سيطرة الدعم السريع، إضافة لمناطق سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال ومناطق سيطرة حركة تحرير السودان، وكل هذه المناطق تعمل بصورة مستقلة وفق نظم إدارة خاصة بها، ومع سعي مجموعة بورسودان الشره نحو اكتساب شرعية تمثيل الدولة وادعاء انها تمثل حكومة السودان الشرعية، ستبرز حكومات أخرى تنازعها الشرعية بلا شك، ودوننا تصريح الباشا طبيق بالأمس عن احتماليات تشكيل الدعم السريع لحكومته في الخرطوم
استبعاد خيار تشظي السودان يغالط تاريخنا الخاص وتجارب الاقليم الشبيهة من حولنا خصوصاً أننا نطبق في “كتالوج” هذه التجارب حذو النعل، فالبرهان بالأمس كان من الواضح أنه يريد استنساخ النموذج الليبي في نسخته الأخيرة ٢٠١٩-٢٠٢٠ حين استعانت سلطة طرابلس بظهير اقليمي صد عنها حصار حفتر، وعقب ذلك -وللمفارقة في جنيف السويسرية- حدث اتفاق جمد الأوضاع على ما هي عليه، دولتين غير مستقرتين أو أكثر ضمن حدود جغرافية واحدة بسلطات مختلفة ومتنافسة.
هذا يشابه أيضاً ما حدث في الصومال واليمن وسوريا .. تقسيم بحكم الأمر الواقع وحكم على الشعب بالتشرد والضياع الأبدي دون أي أفق لإنهاء معاناته.
ختاماً أقول بوضوح واختصار .. من يدعو لاستمرار الحرب فهو يحكم على كل سوداني وسودانية بأن يكمل حياته في المنافي، وأن يدفن أعز من يحب في ديار غريبة. طريق استمرار الحرب ليوم واحد هو طريق الموت والتشرد والتمزيق.
الطريق الوحيد لتجنب ذلك هو طريق السلام واسكات صوت البنادق اليوم عبر الجلوس لطاولات الحوار والتفاوض، وهو ما لن يحدث دون ضغط شعبي حقيقي على دعاة استمرار الحرب. نفتقر لذلك الآن بسبب نجاح آلات التضليل الاعلامي في تقسيم الناس وتغييب عقولهم وصرف انظارهم لمعارك الدرجة الثانية، مما قلل من قدرة السودانيين/ات عن توحيد صوتهم لأقصى حد وضغط أطراف الحرب وداعميهم لايقاف هذه الجريمة الآن. الخيار بيدنا إما وحدنا الصفوف وضاعفنا العمل حتى نضع حداً لمعاناتنا هذه، أو فلنستعد للقادم فهو الأسوأ والأكثر بشاعة.
اكتشاف المزيد من قناة المرصاد
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
اترك رد